الثلاثاء 24 ديسمبر 2024

بقلم نونا المصري

انت في الصفحة 48 من 104 صفحات

موقع أيام نيوز


واردفت النتيجة ستخرج خلال فترة قصيرة لذا ارجو ان تنتظري بصبر 
مريم حسنا شكرا لك 
قالت ذلك ثم اخذت معطفها وحقيبتها وخرجت من الغرفة وهي تضع قطنة بيضاء على مكان غرس الآبرة حتى تمنع خروج قطرات الډم الصغيرة من عروقها البارز لشدة نحافتها ثم جلست في الردهة الواسعة تنتظر نتيجة تحليلها وسرعان ما مر الوقت بسرعة حتى استدعتها الطبيبة مجددا ثم قالت بابتسامة عريضة تهاني لك فأنت حامل بالفعل 

في تلك اللحظة صمت كاسح اخترق ارجاء الغرفة بعد تلك الجملة القصيرة ذات المعاني الكثيرة فهي تجمدت في مكانها كتمثال رخامي ولولا صعود وهبوط صدرها جراء تنفسها لأقسمت الطبيبة على ان هذه الفتاة العربية قد فارقت الحياة بعد تلقيها لذلك الخبر المفرح او المحزن بالنسبة لها فنهضت من مكانها وعلامات القلق واضحة على وجهها ثم توجهت نحوها وسألتها ارجو المعذرة ولكن هل انتي بخير 
رمشت مريم مرتين وكأنها كانت مېتة وعادت إلى الحياة مجددا بعد ان لمستها يد الطبيبة وسرعان ما ذرفت بلورتين شفافيتين من عينيها العسلية المخضرة وقالت بصوت يكاد يختفي هل انا حامل حقا 
أحتارت الطبيبة من امرها وقالت اجل عزيزتي بناء على تحليل الډم الذي اجريتيه اتضح انك حامل منذ اربعة أسابيع تقريبا لذا يجب ان تهتمي لصحتك جيدا وانا سوف أصف لك بعض الفيتامينات لأن التحليل اظهر انك تعانين من فقر ډم ايضا وهذا ليس جيدا من اجل الطفل 
فخرجت شهقة مكتومة من حنجرة مريم المچروحة وقالت بصوت مخڼوق ح حسنا 
وبالفعل قامت الطبيبة بوصف الدواء لها واخبرتها بأنها يجب ان تأتي إلى المستشفى مرة اخرى لأجراء الفحوصات اللازمة للإطمئنان عليها وعلى الجنين وبعد تلك الصاعقة التي تعرضت لها خرجت من المستشفى وكأنها زومبي خالي من الروح وهي تحمل بيدها كيس بلاستيكي يحتوي على علبة فيتامينات ولم تصدق انها حامل حقا ومن من من ادهم عزام السيوفي الذي سبب لها چرح كبير في المشاعر عندما عاملها بقسۏة شديدة كما تعامل العاھړات 
لقد أصبحت ملكه بالفعل حتى ولو انكرت ذلك مئات المرات وانكرت زواجها السري
به الا انه سيأتي يوم ويعلم العالم أجمع بأنها قضت لليلة جامحة مرعبة مع ادهم عزام السيوفي حبيبها الأزلي الذي لم تسنح لها الفرصة بأن تعيش معه الحب 
فاخذت تمشي في شوارع نيويورك بخطوات ثقيلة ودموعها لا تتوقف عن الانهمار ولا تعلم ان كانت حزينة لأنها ستضطر لمواجهة حبيبها القاسې الذي هربت منه وقررت ان ټدفن حبها له في اعماق قلبها وان تنساه ام انها سعيدة لأنها حملت بأبنه بقطعة منه تكونت داخل رحمها لتصبح روحا طاهرة نقية لا يتعدى عمرها سوى اربعة أسابيع اربعة أسابيع لم تراه خلالها ولو لمرة واحدة اربعة اسابيع عاشتها كما لو كانت جسد يتحرك بلا روح لشدة حزنها على مۏت أختها مرام التي تبخرت من الدنيا كنسمة الهواء النقية ولكن بغض النظر عن هذه الحزن الا انها شعرت ببعض السعادة خلال الفترة التي قضتها برفقة عائلة السيد عمر حيث انهم خففوا من وحشتها وحزنها العميق ولكن ها هي تعود لذلك الحزن المستبد الذي اقسم بأنه لن يفارقها ما دامت حية ترزق 
فلم تحتمل كبت مشاعرها اكثر من ذلك لذا اڼفجرت باكية في الشارع امام المارة الذين اخذوا يحدقون بها وعلامات الاستفهام تعلو وجوههم فمنهم من ظنها مچنونة ومنهم من شعر بالأسى عليها وخصوصا لأنها هوت جالسة على الرصيف وهي تبكي بمرارة وقهر شديد وبقيت تبكي وتبكي وتبكي حتى جفت الأنهار في حدقتيها العسليتين فمسحت اثار الفيضان الذي سال على وجنتيها وهي تشهق ثم نهضت وحملت كيس الدواء ووضعته في حقيبتها وبعدها قررت ان تعود إلى منزل السيد عمر لترتمي بين
احضان صديقتها المخلصة الهام التي تخلت عن حلمها في العمل بشركة رويال العالمية لتتبعها الى هذه البلد الغريبة لذا مشت بضع خطوات حتى توقفت بالقرب من جانب الطريق واخذت تحاول ايقاف سيارة اجرة 
ومن جهة اخرى 
جاء ذلك الشاب المفعم بالحيوية الذي كان يقود سيارته السوداء المكشوفة متجاهلا برودة الجو ليسمح للهواء النظيف ان يلامس بشرته الحليبية ويتغلقل داخل خصلات شعره الاسود الناعم وهو يتراقص بأصابع يديه على مقود السيارة مستمعا
لتلك الموسيقى الكلاسيكية الهادئة فوقع نظره عليها وهي تحاول ايقاف سيارة أجرة ولا يعلم لما رفرف قلبه بعد ان رآها وما هق الا ثواني حتى انحرف بسيارته عن الطريق متجها نحوها ثم توقف
بالقرب منها وضغط على البوق ليفزعها صوته فأنتفظت من مكانها والتفتت الية لتجده يبتسم لها وهو يضع نظارته الشمسية الداكنة التي زادته وسامة في تلك اللحظة لا تعلم لما شعرت بالأرتياح لمجرد ان رأته يبتسم نعم هي لم تقابله سوى مرة واحدة ولكنه استطاع بخفة دمه وشهامته ان يترك لديها شعورا عذبا فابتسمت وكأنها نسيت الحزن الذي كان يأكل قلبها منذ لحظات قليلة وقالت بصوتها العذب استاذ خالد 
فأتاها صوته
 

47  48  49 

انت في الصفحة 48 من 104 صفحات